اكوراي: مدينة التاريخ والهوية بين الماضي المجيد والتحديات المعاصرة
إقليم الحاجب – المغرب
في قلب المغرب، وبين مدينة مكناس التاريخية ومدينة الحاجب بوابة الأطلس، تقع مدينة أكوراي، جوهرة تاريخية نابضة بالحياة والذاكرة. قد تبدو في الظاهر مدينة صغيرة، لكنها تختزن في طياتها عبق التاريخ وعمق الانتماء، فهي اليوم مركز حضري يضم حوالي 19,158 نسمة حسب الإحصاء الرسمي لسنة 2024، لكنها في الأصل قرية مغربية ضاربة في القدم، لها أصول أمازيغية وروابط حضارية ممتدة، يرجع أصل تسمية "أكوراي" إلى تأويلات عدة، أبرزها أنها تحريف لـ"لاكوريا"، وهي مدينة برتغالية قديمة، أو ربما تعني "عين السلطان" باللغة البرتغالية، حيث أن لفظة "أكو" تعني العين و"راي" تعني السلطان، في إشارة إلى "العين البرانية"، أحد المعالم المائية التاريخية للمنطقة.
تضم أكوراي إحدى القصبات العسكرية التي شيدها السلطان مولاي إسماعيل (1672-1727م) لتعزيز سلطة الدولة المركزية، وهي قصبة تحمل طابع العمارة المغربية الأندلسية، بسورها العالي المشيد من الطابية وأبراجها الدفاعية التي تحيط بها من كل الجهات. وقد ورد ذكر هذه القصبة في مذكرات الأسير البريطاني طوماس بيلوو الذي عمل بها سنة 1727م ضمن الحامية العسكرية، ما يؤكد أهميتها الاستراتيجية.
الروايات الشفوية تشير إلى أن السلطان مولاي إسماعيل مرّ بأكوراي رفقة زوجته البرتغالية المعروفة بـ"العلجة"، التي أُعجبت بجمال الموقع وطلبت منه أن يُقيم هناك قصبة، وهو ما تحقق بالفعل، لتتحول القصبة لاحقًا إلى مركز سكني واستراتيجي للعائلة والجنود.
أكوراي اليوم... بين الطموح والمعيقات
تحولت أكوراي سنة 1992 من جماعة قروية إلى جماعة شبه حضرية، وهو تحوّل واكبته بعض مظاهر التنمية، من بناء مرافق إدارية واجتماعية إلى جعل المدينة مركزًا تجاريًا وخدماتيًا لفائدة ساكنة المناطق المجاورة، مثل جماعة تامشاشاط وجماعة أيت يعزم وجماعة ايت بورزوين، ورغم ذلك، ما تزال المدينة تواجه تحديات كبرى، أبرزها الحاجة لتطوير بنيتها التحتية، تعزيز فرص التشغيل، وإنعاش السياحة الثقافية التي يمكن أن تشكل رافعة اقتصادية قوية بفضل ما تزخر به من معالم تاريخية فريدة وصرعات السياسية مما تخلف من عرقلة بين الادارة والمواطن.
رغم أن سكان أكوراي ليسوا جميعًا من أصل أمازيغي، فإن الأمازيغية تبقى لغة حية ومكونًا أصيلًا في ثقافة المدينة، حيث يتحدث بها أغلب السكان بشكل يومي، مما يمنح للمدينة خصوصية ثقافية تستحق التثمين.
رسالة مفتوحة للنقاش والتطوير
في إطار انفتاح الفاعلين المحليين والإعلاميين على هموم الساكنة، تم فتح باب النقاش لعرض مميزات المدينة وإبراز مكامن الخلل، وهي خطوة تُشجّع على إشراك المواطن في اقتراح الحلول وصياغة تصورات تنموية حقيقية لكن تبقى كلمات بين الاسطر وسياسيين خصوصا المعارضة تلتئم التحريض وتخويف من المسؤولين عبر نشر مجموعة من المغالطات وانتساب جميع المشاكل للجماعة ما وراء دلك اعلام يدافع عن مصلحته في السكن الوظيفي المجاني و السياسيين يريدون الكراسي والمناصب.
تبقى أكوراي مدينة مغربية ذات ماضٍ مجيد وحاضر واعد، لكنها في حاجة إلى تظافر الجهود بين الساكنة والسلطات المحلية والمجتمع المدني من أجل صناعة مستقبل يليق بتاريخها ويستجيب لطموحات شبابها.
----------بقلم اسامة القادري ✌🏼👑🇲🇦
#مدينة_اكوراي #اقليم_الحاجب #جهة_فاس_مكناس #المملكة_المغربية