مهرجان التبوريدة بسبع عيون : بين صهيل الخيل وتآكل المشاريع
مهرجان التبوريدة بسبع عيون: بين صهيل الخيل وتآكل المشاريع
في مدينة سبع عيون، حيث تتبدل الفصول ولا يتبدل الحال، أشرق علينا قرارٌ يثير الدهشة بقدر ما يثير الغبار. لقد وافق المجلس الجماعي، بأغلبية ساحقة وبأفواه باسمة، على تخصيص 20 مليون سنتيم سنوياً لتمويل مهرجان التبوريدة. 20 مليون، ليس لإنشاء طريق، أو بناء مدرسة، أو حتى لصيانة قنوات الصرف الصحي التي تتلاعب بأعصاب السكان في كل موسم أمطار، بل من أجل "التبوريدة".
قرار حكيم! فبينما تتهاوى البنية التحتية للمدينة وتغرق شوارعها في بحيرات من المياه العكرة، وبينما ينتظر الشباب مشروعاً تنموياً يوفر لهم فرصة عمل واحدة، جاءنا المجلس بحل جذري وعبقري: فلنحتفل! نعم، الاحتفال هو الحل السحري لكل المشاكل. هل تشكو من البطالة؟ شاهد سباق الخيل! هل تشتكي من غياب الخدمات الضحية؟ استمتع بطلقات البارود! هل تشكو من غياب الإنارة العمومية؟ استمتع بوهج الكاميرات التي تصور المهرجان!
المهرجان، يا سادة، هو الوجه الحقيقي للتنمية المستدامة في "سبع عيون". فبدلًا من أن تستثمر الأموال في مشاريع "مملة" مثل بناء مصنع أو تأهيل سوق، لماذا لا نستثمرها في إحياء التراث؟ تراث "التبوريدة" يمثل أولوية قصوى، فهو رمز للأصالة والهوية، وهو بلا شك يملأ البطون الخاوية ويشيد المنازل المتداعية.
لعل أعضاء المجلس يرون أن صهيل الخيل يمثل موسيقى تطرب لها آذان الفقراء، وطلقات البارود هي الضجيج الوحيد الذي يكسر صمت اليأس. ومن يدري؟ ربما تتحول التبوريدة إلى مصدر للطاقة المتجددة، فكلما ركض حصان، أضاء مصباح في حي مظلم، وكلما أطلق بارود، انبعث أمل في قلب شاب.
نحن لا نكره التبوريدة، بل نحبها ونحترمها كجزء من تراثنا. ولكن عندما تصبح الأولوية القصوى في مدينة تعاني من كل أنواع التهميش، فإن الأمر يتحول من مجرد احتفال إلى مهزلة. فكما قال المثل الشهير: "تزمار في واد، ومحمد في واد"، يبدو أن سبع عيون تعيش في عالم اخر، حيث مهرجان الخيل أهم من مستقبل الأجيال.
لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة لمجلسنا الجماعي، على هذا القرار "الخلاّق". فمن يدري، ربما يأتي يوم نرى فيه شوارع المدينة مزينة بالخيل بدلًا من أعمدة الإنارة، وسكانها يتنقلون على ظهورها بدلًا من الطرق المعبدة. فالتنمية، يا سادة، تأتي بأشكال مختلفة، وفي سبع عيون، تأتي على صهوة جواد.
بقلم :aziz lhaj
Sbaa ayoune/ Elhajeb regional