الحاجب: الماء بين الحق المشروع والاتهامات بالمتاجرة – عيون الحاجب في الواجهة .. وقرى باش تفهم📖
📝 عرفت مدينة الحاجب، في الآونة الأخيرة، جدلاً واسعاً حول جودة مياه بعض المنابع الطبيعية، خصوصاً عين خادم وعين المدني. هذا الجدل تزايد بعد تسجيل حالات إصابة بأعراض التسمم نُقل على إثرها مواطنون إلى مستشفى مولاي الحسن، حيث تم تسجيل وفيات مأساوية في صفوف بعض الضحايا، ما جعل الساكنة تعيش حالة من الخوف والحزن، وتتوجه بقلوب خاشعة للترحم على الأرواح التي فقدت.
لكن، وبالموازاة مع هذه المأساة، برزت روايات متناقضة في الفضاء المحلي:
◀️ طرف يؤكد أن ما وقع مجرد إشاعات وتمهيد لبيع مياه المنابع الطبيعية لشركات تعليب المياه المعدنية.
◀️ وطرف آخر يرى أن الأعراض والوفيات دليل على وجود تلوث مائي حقيقي لا يمكن تجاهله، خصوصاً بعدما تكررت الحالات وتطابقت الأعراض.
هذا التناقض تجسد في بلاغات رسمية مرتبكة: فبينما أعلنت المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة، بتنسيق مع السلطات، أن الماء صالح للشرب، ظهرت في نفس اليوم لافتات تمنع الشرب والاستعمال! الأمر الذي زاد من فقدان الثقة، وجعل شريحة من الساكنة تقتنع أن هناك "تلاعباً" مقصوداً.
---تلوث بسبب الإهمال لا بسبب الطبيعة
المعطيات الميدانية تكشف أن جزءاً من الأزمة مرتبط بغياب الصيانة وتخريب البنيات التحتية:
◀️عين ذهيبة: تم طمس منبعها الأصلي وتوزيع صنابير لا تعمل.
◀️عين بوتغزاز: الأنابيب تضررت بسبب التهيئة، ما خلق تسربات جوفية خطيرة.
◀️عين المدني: مسار المياه من الكيفان إلى التجمعات السكنية يعرف تسربات عشوائية، إضافة إلى تراكم الأوساخ والجدران المائية الملوثة.
هذه الاختلالات ساهمت في تلويث المياه، في ظل غياب رؤية واضحة لصيانة وتدبير هذه الثروات الطبيعية.
---الحق في الماء: حماية دستورية وقانونية
القانون المغربي واضح في هذا الباب:📖 الفصل 31 من الدستور ينص على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة الوسائل لتيسير استفادة المواطنين من الحق في الماء.
📖القانون 36.15 المتعلق بالماء يضع الماء ضمن الملك العام، ويمنع المتاجرة فيه خارج الأطر القانونية.
📖 المنابع الطبيعية لا يمكن التصرف فيها أو خوصصتها بشكل يضر بحقوق الساكنة، خصوصاً وأن العديد من الأسر تعتمد على الآبار والمياه الجارية كمصدر عيش أساسي.
---بين التخوف الشعبي والمسؤولية المؤسساتية
الساكنة ترى أن التناقض في البلاغات الرسمية يعكس ارتباكاً خطيراً في تدبير ملف حساس يلامس الحياة اليومية. فبدل تطمين المواطنين، زادت الشكوك في إمكانية تفويت المياه لشركات خاصة.
لكن القانون المغربي يحمي هذا الحق ويمنع أي تفويت غير مشروع، مما يجعل مسؤولية الدولة والجماعات المحلية مضاعفة: نقية المنابع، إصلاح البنيات التحتية، وتتبع الجودة بصرامة.
---🔻مقترحات عملية لإعادة الثقة وضمان الحق في الماء
1. إحداث مرصد محلي للمياه يضم ممثلين عن السلطات، الجماعة، المجتمع المدني، وجامعيين مختصين، لمتابعة جودة المياه بشكل دوري.
2. الشفافية في نشر التحاليل: إعلان نتائج الفحوصات المخبرية في حينها، مع إشراك الإعلام المحلي لطمأنة الساكنة.
3. برنامج استعجالي لإصلاح التسربات خصوصاً في مسار مياه عين المدني وباقي المنابع المتضررة.
4. إطلاق حملات توعية حول كيفية التعامل مع المياه المشبوهة، وتقديم بدائل آمنة بشكل مؤقت (شاحنات صهريجية أو نقاط توزيع مراقبة).
5. محاسبة المسؤولين عن الإهمال في حالة ثبوت تقصير في الصيانة أو ارتكاب أخطاء أثناء أشغال التهيئة.
6. حماية المنابع قانونياً من أي محاولة تفويت أو خوصصة، عبر تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بالملك العام المائي.
7. تشجيع البحث العلمي المحلي: فتح المجال أمام طلبة الجامعات ومراكز البحث لإجراء دراسات على المياه الجوفية والسطحية بالإقليم.
ماء الحاجب ليس مجرد مورد طبيعي، بل هو حق دستوري وإنساني، ولا يمكن أن يكون موضوع مساومة أو إشاعات. المطلوب اليوم ليس فقط الترحم على الضحايا، بل اتخاذ إجراءات عملية ومستعجلة لإعادة الثقة: إصلاح التسربات، حماية المنابع من التلوث، إعلان نتائج التحاليل بشفافية، وإشراك المجتمع المدني في المراقبة.
فالساكنة لها الحق في ماء نقي، والدولة لها الواجب في ضمان هذا الحق وفق الدستور والقانون.
------------بقلم اسامة القادري ✌️ Oussama Elqadiry ✌️👑🇲🇦